عاما مرت على ولادة النبي العربي محمد (عليه السلام) الذي ولد في يوم الاثنين 12 ربيع الاول عام الفيل اي في العام (570 ميلادية) بالتاريخ الميلادي الغربي.. من ابوين فقيرين في مالهما وغنيين في جاههما وحسبهما، ونسب الرسول الشريف (ص) ينتهي الى اسماعيل بن ابراهيم ابي الانبياء عليهم السلام.
والرسول المصطفى محمد (ص) ولدته أمة آمنة بنت وهب في بيت قريب من الكعبة المشرفة في مكان سمي فيما بعد (سوق الليل) في شمال مكة قبالة باب السلام احد ابواب الحرم المكي. وهذا المكان اعتنت به قديما ولأول مرة (الخيزران) أم الرشيد الخليفة العباسي.. فقد شيد مكان الولادة هذا على طراز خاص وفريد حتى اصبح قديماً يزار كبقية الأماكن المقدسة.
اما وفي السنوات الكثيرة الماضية فقد منع الدخول اليه حتى لا يربك المسلمين وبالذات الذاهبين للحج والعمرة.. وحتى لا يصبح بدعة تختلط بتعاليم الدين.
اما الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف فهو تقليد قديم يعود الى القرن الرابع الهجري وقد توسع فيه الفاطميون في مصر كثيرا واضفوا عليه مظاهر الجلال والعظمة، ثم اتخذ صورا شتى في مختلف البلاد الاسلامية وعلى مر التاريخ، ومن اهم مظاهره السيرة النبوية.
وحول احتفالات عمان قديما بالمولد النبوي الشريف عاد بنا السيد (حمود العمايرة) الى عقود بعيدة حيث كانت عمان بلدة صغيرة فقال: «كان أهل عمان يترقبون قدوم هذا اليوم بكل لهفة وشوق وسرور وسط استعدادات نشطة في صنع واعداد اقواس النصر الضخمة والكثيرة في كل من شارعي طلال والمحطة، حيث تتكون هذه الاقواس من شجر النخيل والدفلى والاعلام والزينة وسجاد البيوت الفاخر.. وعند حلول يوم ذكرى المولد النبوي تبدأ احتفالات الفرح والدبكات والاناشيد والعاب المبارزة بالسيوف الشامية منذ الصباح وحتى اقتراب منتصف الليل.
وكانت تقام العديد من الاحتفالات الاخرى في المساجد والطرقات للسيرة النبوية ثم احتفالات ومسيرات الدراويش واصحاب الطرق الصوفية حيث يسيرون رافعين رايات ضخمة وعالية جدا بمصاحبة الاناشيد الدينية والعبارات الصوفية مثل: (الله حي الله حي) و(لا اله الا الله محمد حبيب الله).
ومن مظاهر الاحتفاء ايضا قديما بذكرى المولد النبوي انتشار كتب المدائح النبوية وكتب السيرة المحمدية واقبال الناس على شرائها بثمن زهيد جدا لا يتجاوز الثلاثة قروش مثل كتاب (مولد العروس) للامام ابن الجوزي الفقيه الحنبلي والذي له مؤلفات في التاريخ الحديث والمدائح النبوية.
ومما ورد في كتابه مولد العروس: «لما ولد صاحب الناموس بدا في الحضرة كالعروس، بوجه يحكي القمر ظهورا، وبجبين اطلع منه ضياء ونورا، وبصدر اضحى بالايمان معمورا، وبيدين فجر منهما ماء النعيم تفجيرا، واضطرب الكون عند ولادته وكان الكون مخدورا، ونشر السعد على الوجود نشورا.
ثم يكمل بهذا المديح:
صبح الهدى ملأ الوجود سرورا
لما بدا وجه الحبيب منيرا
أطلعت يا شهر الربيع مشرفا
قمرا يفوق مع الكمال بدورا
شهر الربيع اتى بمولد احمد
ولقد أتانا بالهناء بشيرا
وفي موقع آخر من الكتاب نقرأ ما يلي:
«ولما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم اعلنت الملائكة سرا وجهرا.. واتى جبريل بالبشارة واهتز العرش طربا.. وخرجت الحور العين من القصور ونثرت العطر نثرا.. وقيل لرضوان زين الفردوس الاعلى.. وارفع عن القصر سترا.. وابعث الى منزل آمنة اطيار جنات عدن ترمي من مناقيرها درا.. فلما وضعت محمد (ص) رأت نوراً اضاءت منه قصور بصرى.. وقامت حولها الملائكة ونشرت اجنحتها نشرا.. ونزل الصافون والمسبحون فملأوا سهلا ووعرا. ويتبع هذا الكلام السابق هذا الشعر ومنه:
صلاة الله مولانا البديع
على نور الهدى طه الرفيع
بدا بدر الكمال على الجميع
واشرق نور ذي الحسن البديع
اضاء الكون يزهو في ابتهاج
بميلاد المكرم في الربيع
وفاح عبير مولده كمسك
يفوح شذاه من طيب الصنيع
وفي الصفحة العاشرة من كتاب (العروس) نقرأ:
«قالت آمنة لما وضعت محمدا صلى الله عليه وسلم وضعته مكحولا، مدهونا، مسرورا، مطيبا، مختوما قد شرح الله له صدرا.. وحمله جبريل فطاف به براً وبحراً.. وحفت به الملائكة ووضعته عن يمينه وشماله فرأوا جبينا وحاجبا يفوق حسنا ونورا وضياء وعطرا.. وثغرا قد اودع الله منه في قلوب العاشق
الخميس أكتوبر 25, 2007 9:23 am
